اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 275
المتناهون فيها أقصى الغاية
وَاعلموا ايها العقلاء العرفاء الموحدون ان لِلَّهِ المتوحد المتفرد لذاته الْأَسْماءُ الْحُسْنى التي تترتب عليها الصفات العليا المترتبة عليها الآثار الحادثة في عالم الكون والفساد والشهادة والغيبة والنشأة الاولى والاخرى فَادْعُوهُ سبحانه ايها الموحدون بِها وأسندوا الحوادث الكائنة إليها أولا وبالذات وَذَرُوا اى دعوا واتركوا اقوال الجاحدين الملحدين الَّذِينَ يُلْحِدُونَ يميلون وينحرفون فِي أَسْمائِهِ بنسبة الحوادث الكائنة الى الأسباب والوسائل العادية أولا وبالذات واعتقدوها عللا وأسبابا حقيقية واهجروا مذاهبهم واعتزلوا عنهم وعن مجالستهم واعلموا ان كل واحد منهم ايها المكلفون سَيُجْزَوْنَ بمقتضى ما كانُوا يَعْمَلُونَ في نشأة الدنيا ان خيرا فخير وان شرا فشر ثم قال سبحانه كلاما كليا جمليا شاملا على جميع الملل والأديان
وَمِمَّنْ خَلَقْنا اى اظهرناهم على صورتنا أُمَّةٌ مستخلفة عنا هم يَهْدُونَ الناس إلينا ملتبسين بِالْحَقِّ المطابق للواقع متمسكين به وَبِهِ اى بالحق لا بغيره إذ لا غير يَعْدِلُونَ يقسطون وينصفون في الوقائع والاحكام
وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا الدالة على توحيدنا المنزلة على رسلنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ اى سنستضلهم ونستذلهم قليلا قليلا الى ان نهلكهم بالمرة وندخلهم في جهنم البعد وسعير الإمكان مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ولا يفهمون كيف وقعوا فيها ومن اى طريق دخلوا
وَبالجملة أُمْلِي لَهُمْ اى امهلهم في بطرهم وغفلتهم الى حيث ازدادوا على نفوسهم العتو والعناد الموجب لشدة العذاب مكرا عليهم وكيدا لهم إِنَّ كَيْدِي ومكري سيما مع العصاة الغواة الضالين عن منهج العدالة والرشد مَتِينٌ محكم بحيث لم يحسوا به وباماراته ومقدماته أصلا الى ان أخذوا بأسوإ العذاب وأشد النكال ثم أشار سبحانه الى توبيخ المسرفين المسفهين لرسول الله عنادا ومكابرة
فقال أَما يستحيون من الله أولئك المسرفون المفرطون من نسبة الجنون الى من فاق على عموم العقلاء بالرشد والهداية وَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ولم يتدبروا انه ما بِصاحِبِهِمْ يعنى نبيهم ورسولهم محمدا صلّى الله عليه وسلّم مِنْ جِنَّةٍ خفة عقل موجب للخبط والجنون غاية ما في الباب ان هؤلاء القاصرين عن ادراك كلامه ينسبون ما لم يفهموا من كلامه الى انه قد صدر عنه هفوة لا عن قصد وشعور ويسمونه مجنونا لذلك إِنْ هُوَ اى بل ما هو صلّى الله عليه وسلّم عند التحقيق إِلَّا نَذِيرٌ ينذرهم باذن الله ووحيه ويخوفهم الله به مُبِينٌ عظيم الشان ظاهر البيان في امر الإنذار والإرشاد روى انه صلّى الله عليه وسلّم صعد الصفا يوما فدعاهم فخذا فخذا يحذرهم عن بأس الله وبطشه فقال قائلهم ان صاحبكم لمجنون فنزلت. ثم قال سبحانه على سبيل التوبيخ والتقريع لهؤلاء المسرفين الذين ينسبون ما هو خارج عن مدركات عقولهم الى الجنون ويدعون استقلال العقل في العلوم المتعلقة بالأشياء كلها
أَوَلَمْ يَنْظُرُوا ولم يتدبروا كيف تقصر وتدهش عقولهم فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وكيفية نظمها ونضدها وترتيبها وتطبيقها وما فيها من كواكبها وبروجها وحركاتها وادوارها وانقلاباتها شتاء وصيفا ربيعا وخريفا وَالْأَرْضِ وما عليها من تلالها ووهادها وأنهارها وبحارها ورياضها وازهارها وغرائبها وبدائعها المكنونة المتكونة فيها بل وَفي جميع ما خَلَقَ اللَّهُ وأظهره من كتم العدم إظهارا إبداعيا مِنْ شَيْءٍ اى مما يطلق عليه اسم شيء تدهش وتتحير في ظهوره عقول فحول العقلاء بحيث لم يطلعوا ولم يفهموا كيفية ظهور ذرة حقيرة من ذرائر العالم فكيف لميتها لذلك قال صلّى الله عليه وسلّم في دعائه اللهم أرنا الأشياء كما هي وقال ايضا صلّى الله عليه وسلّم
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 275